سورة يوسف – 12
111 آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر الله اعلم بها تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ
﴿1﴾
إِنَّا
أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ترجعون الى رشدكم ﴿2﴾
نَحْنُ
نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ
وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ الجاهلين
عن المعرفة ﴿3﴾
إِذْ
قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ
في المنام أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ
لِي سَاجِدِينَ ﴿4﴾
قَالَ
يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا يتآمرون عليك بالشر إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ
عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴿5﴾
وَكَذَٰلِكَ
يَجْتَبِيكَ يختارك رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ
مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ تفسير الاحلام وَيُتِمُّ
نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ بالنبوة والرسالة والسُلطة وَعَلَىٰ
آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ
ۚ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿6﴾
لَقَدْ
كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ عِبَر لمن يريد ان يعتبر ﴿7﴾
إِذْ
قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ جماعة متماسكة إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ خطأ جسيم ﴿8﴾
اقْتُلُوا
يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا انفوه من البلد يَخْلُ
لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ لتنالوا اهتمام ابيكم بكم وَتَكُونُوا
مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ثمّ تتوبوا بعد
ذلك ﴿9﴾
قَالَ
قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ قعر البئر يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ
كُنْتُمْ فَاعِلِينَ إذا نويتم على الخلاص منه ﴿10﴾
قَالُوا
يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ بمعنى راعون وحامون ﴿11﴾
أَرْسِلْهُ
مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ يلهو وَيَلْعَبْ
وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ نهتم به ونحميه ﴿12﴾
قَالَ
إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ
عَنْهُ غَافِلُونَ غير منتبهين ﴿13﴾
قَالُوا
لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ كثرة إِنَّا
إِذًا لَخَاسِرُونَ عاجزون ﴿14﴾
فَلَمَّا
ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا قرّروا بالإجماع أَنْ
يَجْعَلُوهُ يرموه فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ قعر البئر وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ
بِأَمْرِهِمْ ستكشف لهم ما فعلوه بك هَٰذَا
وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ على غفلة منه ﴿15﴾
وَجَاءُوا
أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ ﴿16﴾
قَالُوا
يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ نتسابق وَتَرَكْنَا
يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا زادنا فَأَكَلَهُ
الذِّئْبُ ۖ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴿17﴾
وَجَاءُوا
عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ اروه قميص يوسف
وعليه أثر دم ادعوا انه دم يوسف قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ
أَمْرًا زيّنت لكم شيئا مشينا فَصَبْرٌ
جَمِيلٌ وهو الصبر الذي يلقيه الله على الأنبياء
يُذهب عنهم ردّ فعل خاطئ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ بمعنى سأستعين بالله بالصبر على ما ادّعيتم بشأن يوسف ﴿18﴾
وَجَاءَتْ
سَيَّارَةٌ قافلة تمرّ من المكان فَأَرْسَلُوا
وَارِدَهُمْ متعهد السقاية فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ
انزل دلو الماء ليملئه من البئر قَالَ يَا
بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ ۚ وَأَسَرُّوهُ ان اخوة
يوسف كتموا انه اخوهم بِضَاعَةً وباعوه
بضاعة الى القافلة وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴿19﴾
وَشَرَوْهُ باعوه بِثَمَنٍ بَخْسٍ بسعر رخيص دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ
مِنَ الزَّاهِدِينَ بمعنى لا يريدون الكسب المادي من
بيعه بل يريدون الخلاص منه ﴿20﴾
وَقَالَ
الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ أحسني رعايته عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا في خدمة او عمل أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا بمعنى التبنّي وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا عزّزنا مكانته لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ
مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ تفسير الاحلام وَاللَّهُ
غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ يحصل على ما يريد وَلَٰكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿21﴾
وَلَمَّا
بَلَغَ أَشُدَّهُ كبر واشتدّ ساعده آتَيْنَاهُ وهبناه حُكْمًا عقلا
رشيدا وَعِلْمًا معرفة خاصة بالعلوم وَكَذَٰلِكَ
نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿22﴾
وَرَاوَدَتْهُ اغرته الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ بمعنى اغوته بلطف ليجامعها وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ
وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ اقبل انا لك قَالَ
مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أي العزيز هو ولي
امري أَحْسَنَ مَثْوَايَ أكرَمني في
بيته إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ أي لا ينجو المذنب من ذنبه ﴿23﴾
وَلَقَدْ
هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا كادا ان يسقطا في
الفاحشة لَوْلَا أَنْ رَأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ قيل ان الله أرسل له ملاكا يعصمه عن ارتكاب الفاحشة والله اعلم كَذَٰلِكَ
لِنَصْرِفَ عَنْهُ نعصمه من السُّوءَ العمل السيء وَالْفَحْشَاءَ العمل القبيح إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ الذين استخلصهم الله اليه ﴿24﴾
وَاسْتَبَقَا
الْبَابَ بمعنى انه أراد ان يهرب منها فأسرع نحو
الباب ولحقته تسابققه نحو الباب وَقَدَّتْ مزّعت قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ ظهْر القميص وَأَلْفَيَا وجدا سَيِّدَهَا زوجها
لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ ما
عقاب مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ ﴿25﴾
قَالَ
هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي هي التي ارادت
غوايتي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا قيل انه طفل لأحد اقربائها أنطقه الله والله اعلم إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ
قُدَّ مِنْ قُبُلٍ إذا كان مزع القميص من الامام فَصَدَقَتْ
وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿26﴾
وَإِنْ
كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ وإذا كان المزع
من ظهر القميص فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿27﴾
فَلَمَّا
رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ من الخلف
قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ مكركنّ إِنَّ
كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴿28﴾
يُوسُفُ
أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَا لا تُخبر احداً عن هذه الحادثة
وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ ۖ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ من المذنبين ﴿29﴾
وَقَالَ
نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ
ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا قد هامت بحبه - والشغف هو اقصى درجات الحب إِنَّا
لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ جهل عظيم
﴿30﴾
فَلَمَّا
سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ سوء حديثهن عنها أَرْسَلَتْ
إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ جهّزت لَهُنَّ
مُتَّكَأً جلسة مريحة وَآتَتْ اعطت كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا قيل لتقشير الفاكهة والله اعلم وَقَالَتِ اخْرُجْ
عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ استعظمن
حسنه ووسامته وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ جرحن ايديهن دون انتباه وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا
إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ ملاك كَرِيمٌ
﴿31﴾
قَالَتْ
فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ هذا هو
الذي القيْتم عليّ الملامة لأني راودته عن نفسه وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ طلبت منه المعاشرة فَاسْتَعْصَمَ رفض وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ
وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ الأذلاء المهانين ﴿32﴾
قَالَ
رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ
عَنِّي كَيْدَهُنَّ إذا لم تمنعهن عني أَصْبُ
إِلَيْهِنَّ سأضعف امامهن وَأَكُنْ مِنَ
الْجَاهِلِينَ بمعنى سأتصرف كما يتصرف غير المؤمنين
بك ﴿33﴾
فَاسْتَجَابَ
لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ أبطل ما أردن
ان يفعلن به من اغواء إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿34﴾
ثُمَّ
بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ دليل
براءته يصدر من فم زوجة العزيز لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ ﴿35﴾
وَدَخَلَ
مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي في المنام أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي
أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا
بِتَأْوِيلِهِ فسّر لنا إِنَّا نَرَاكَ
مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴿36﴾
قَالَ
لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ أعلمتكما بقدومه قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ۚ ذَٰلِكُمَا
مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ۚ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ
نهج وشريعة قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ
كَافِرُونَ ﴿37﴾
وَاتَّبَعْتُ
مِلَّةَ شريعة آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ
وَيَعْقُوبَ ۚ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ
فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ
﴿38﴾
يَا صَاحِبَيِ
السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ هل آلهة
متعدّدة خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿39﴾
مَا تَعْبُدُونَ
مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ
اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ليس لها صفة الالوهية إِنِ
الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ
الْقَيِّمُ الصحيح والحقيقي وَلَٰكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿40﴾
يَا صَاحِبَيِ
السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا بمعنى سيكون ساقي الملك وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ ويموت فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ ۚ قُضِيَ
الْأَمْرُ هذا تفسير الحلم الَّذِي فِيهِ
تَسْتَفْتِيَانِ الذي تسألون عن تفسيره ﴿41﴾
وَقَالَ
لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ اروي قصتي للملك فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ
رَبِّهِ انساه الشيطان ان يروي قصة يوسف للملك فَلَبِثَ مكث فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ﴿42﴾
وَقَالَ
الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ سمينات
يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ نحيلات وَسَبْعَ
سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ فسّروا هذا الحلم لي إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ إذا كان لديكم اطّلاع على تفسير الاحلام ﴿43﴾
قَالُوا
أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ أي هذه كوابيس وَمَا
نَحْنُ بِتَأْوِيلِ بتفسير الْأَحْلَامِ
بِعَالِمِينَ ﴿44﴾
وَقَالَ
الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا من صاحبي يوسف في السجن وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ تذكّر بعد مدة طويلة وقيل بعد نسيان أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ
فَأَرْسِلُونِ ﴿45﴾
يُوسُفُ
أَيُّهَا الصِّدِّيقُ الصادق في القول والفعل أَفْتِنَا فسّر لنا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ
سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ
إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿46﴾
قَالَ
تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا بجهد دون انقطاع
فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ بمعنى دعوا المحصول في قشره إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا
تَأْكُلُونَ الا القليل لغذائكم ﴿47﴾
ثُمَّ
يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ سبع
سنين قحط لا زرع فيها ينحبس المطر وييبس الزرع يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ يفسدن
زرعكم وما جهّزتم لإصلاح الزرع إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ من البذور التي تدّخرونها ﴿48﴾
ثُمَّ
يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ يكرمهم الله بأن يكثر المطر لري الزرع وَفِيهِ يَعْصِرُونَ العصائر من الخضار والفاكهة ﴿49﴾
وَقَالَ
الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ
فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ما قصة النِّسْوَةِ
اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ﴿50﴾
قَالَ
مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا
عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ حقّ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ
لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴿51﴾
ذَٰلِكَ
لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ لم
استغيبه واتهمه تهما باطلة وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ
﴿52﴾
وَمَا
أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ تدفع صاحبها لارتكاب المعاصي إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي
الا من شاء الله ان يعصمه من نفسه إِنَّ
رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿53﴾
وَقَالَ
الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي بمعنى
يجعله مستشارا خاصا للملك فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ
لَدَيْنَا مَكِينٌ صاحب سلطة أَمِينٌ
﴿54﴾
قَالَ
اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ دعني ادير
شؤون المال والتجارة إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ أحفظ الأمانة واعلم بإدارة شؤون الدولة ﴿55﴾
وَكَذَٰلِكَ
مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ يفرض سلطته في انحاء الدولة نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا
مَنْ نَشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿56﴾
وَلَأَجْرُ
الْآخِرَةِ خَيْرٌ بمعنى ان الثواب ليوسف في الاخرة أفضل
مما انعم عليه الله في الدنيا لِلَّذِينَ آمَنُوا أي ليوسف وللمؤمنين جميعهم وَكَانُوا يَتَّقُونَ
﴿57﴾
وَجَاءَ
إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ بمعنى لم يعرفوا انه اخوهم ﴿58﴾
وَلَمَّا
جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ اعطاهم بضاعتهم
قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ ۚ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ
وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ المضيفين
﴿59﴾
فَإِنْ
لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ لا ترجعوا الى هنا ﴿60﴾
قَالُوا
سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ سنعمل على اقناع ابيه
وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ ﴿61﴾
وَقَالَ
لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ بمعنى ضعوا ثمن بضاعتهم خلسة في جيوب بعيرهم لَعَلَّهُمْ
يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا رجعوا
إِلَىٰ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ يعودون
الينا ﴿62﴾
فَلَمَّا
رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ بمعنى رفضوا بيعنا فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ كي نستطيع الشراء كما اُمرنا وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
﴿63﴾
قَالَ
هَلْ آمَنُكُمْ أتريدونني أن أستأمنكم عليه
عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ ۖ فَاللَّهُ خَيْرٌ
حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴿64﴾
وَلَمَّا
فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ وجدوا ثمن بضاعتهم قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي
ماذا نريد أحسن من هذا هَٰذِهِ بِضَاعَتُنَا
رُدَّتْ إِلَيْنَا ثمن بضاعتنا رُدّ الينا
وَنَمِيرُ أَهْلَنَا نؤمّن الطعام لهم وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ونكسب بضاعة اضافية ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ أي هذا مقدور عليه ﴿65﴾
قَالَ
لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ تتعهّدوا امام الله لَتَأْتُنَّنِي بِهِ ترجعون اخاكم اليّ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ الا ان يحصل معكم امر شديد فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ نُشهد الله على ذلك ﴿66﴾
وَقَالَ
يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مصر جميعكم
مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ بمعنى كل منكم يدخل من باب وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ
مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ بمعنى أنى لا امنع قضاء الله
إِنِ الْحُكْمُ الامر والمشيئة إِلَّا لِلَّهِ
ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴿67﴾
وَلَمَّا
دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ أي من
أبواب متفرّقة مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ بمعنى لم يكن في نية يعقوب ان يمنع قضاء الله إِلَّا
حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا قيل انه كان
يريد ان يحميهم من اعين الناس والله
اعلم وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ بمعنى يحفظ ما علّمه الله وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ
لَا يَعْلَمُونَ ﴿68﴾
وَلَمَّا
دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ انفرد
به قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ لا تخف بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿69﴾
فَلَمَّا
جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ اخبأ
الكيل فِي رَحْلِ أَخِيهِ في جيب بعير
اخيه ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ
﴿70﴾
قَالُوا
وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ ﴿71﴾
قَالُوا
نَفْقِدُ صُوَاعَ مكيال الْمَلِكِ وَلِمَنْ
جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ كفيل
﴿72﴾
قَالُوا
تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ
﴿73﴾
قَالُوا
فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ ﴿74﴾
قَالُوا
جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ يسري عليه حكم السرقة كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ
﴿75﴾
فَبَدَأَ
بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ
ۚ كَذَٰلِكَ كِدْنَا ألهمناه تلك الخطّة
لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ لم يكن يريد ان يطبّق حكم السرقة عليه إِلَّا أَنْ
يَشَاءَ اللَّهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ أي
ان الله يُعلي من شأن من يريد وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ المعنى ان الله هو الاعلم ﴿76﴾
قَالُوا
إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ استوعب القول وتغاضى عنه وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ
لم يُظهر لهم انزعاجه من قولهم قَالَ أَنْتُمْ
شَرٌّ مَكَانًا انتم اشدّ اجراما وَاللَّهُ
أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ تدّعون ﴿77﴾
قَالُوا
يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ
ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴿78﴾
قَالَ
مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا
لَظَالِمُونَ ﴿79﴾
فَلَمَّا
اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا تشاوروا مع
بعضهم في الامر قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ
قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ تعهّدا
امام الله وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي ما اجرمتم بحق يُوسُفَ ۖ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ لن اترك البلد حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ
اللَّهُ لِي بمعنى تحل مشيئة الله وَهُوَ
خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴿80﴾
ارْجِعُوا
إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا
بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ
أي لم يكن لنا علم أن اخانا سيسرق ﴿81﴾
وَاسْأَلِ
الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ القافلة
الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا التي جئنا معها
وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴿82﴾
قَالَ
بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا بل
اضمرتم شيئا أخفيتموه عني فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي
بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿83﴾
وَتَوَلَّىٰ ابتعد عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ
وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ أصابت عينيه غباشة
مِنَ الْحُزْنِ من كثرة البكاء فَهُوَ كَظِيمٌ ضرير ﴿84﴾
قَالُوا
تَاللَّهِ تَفْتَأُ تظل تكرر تَذْكُرُ يُوسُفَ
حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا فتنة أَوْ تَكُونَ
مِنَ الْهَالِكِينَ تموت بحسرتك ﴿85﴾
قَالَ
إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي همّي وَحُزْنِي
إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿86﴾
يَا بَنِيَّ
اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ استطلعوا اخبار
يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ فرج الله ورحمته إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ
اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴿87﴾
فَلَمَّا
دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا أصابنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ الفقر والعِوَز وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ قليلة فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ أعطنا بثمنها بضاعة كاملة الكيل وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا
اجعل ذلك صدقة لنا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي
الْمُتَصَدِّقِينَ ﴿88﴾
قَالَ
هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ لا تدرون مغبّة فعلكم ﴿89﴾
قَالُوا
أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ
عَلَيْنَا أكرمنا الله إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ
وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿90﴾
قَالُوا
تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ فضّلك اللَّهُ
عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ مذنبين
﴿91﴾
قَالَ
لَا تَثْرِيبَ لا ملامة عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ بعد اليوم يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ
الرَّاحِمِينَ ﴿92﴾
اذْهَبُوا
بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ
أَجْمَعِينَ ﴿93﴾
وَلَمَّا
فَصَلَتِ الْعِيرُ أقبلت القافلة قَالَ
أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ أشتمّ رِيحَ
يُوسُفَ ۖ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ لولا تُخبروني
بالتفصيل بأخبار القافلة ﴿94﴾
قَالُوا
تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ هوسك
الْقَدِيمِ ﴿95﴾
فَلَمَّا
أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ الذي يحمل قميص يوسف
أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ۖ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي
أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿96﴾
قَالُوا
يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ﴿97﴾
قَالَ
سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿98﴾
فَلَمَّا
دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ
شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ ﴿99﴾
وَرَفَعَ أجلس أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ وقعوا على
ركابهم سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ تفسير الحلم مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا
جعل الحلم حقيقة وَقَدْ أَحْسَنَ بِي تفضّل عليّ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ
بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ من الصحراء مِنْ
بَعْدِ أَنْ نَزَغَ فتن الشَّيْطَانُ بَيْنِي
وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ
الْحَكِيمُ ﴿100﴾
رَبِّ
قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ الجاه والسلطان
وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ تفسير الاحلام
فَاطِرَ خالق السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
أَنْتَ وَلِيِّي وكيلي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴿101﴾
ذَٰلِكَ
مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ اخبار ما سبق من الامم
نُوحِيهِ إِلَيْكَ في هذا القران وَمَا
كُنْتَ لَدَيْهِمْ بمعنى لم يكن لك علم بهذه الأنباء
إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ أي قرر اخوة يوسف على
التخلص منه وَهُمْ يَمْكُرُونَ يخطّطون
بخبث ﴿102﴾
وَمَا
أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ ولو عملت جاهدا
بِمُؤْمِنِينَ ﴿103﴾
وَمَا
تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ عبرة لِلْعَالَمِينَ وتذكير بالأمم السابقة ﴿104﴾
وَكَأَيِّنْ
مِنْ آيَةٍ دليل وبرهان فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا يرونها
وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ لا يعلمون شيئا عنها
﴿105﴾
وَمَا
يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ يجعلون له شركاء في الالوهية ﴿106﴾
أَفَأَمِنُوا هل يأمنوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ كارثة مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ يحلّ عليهم الموت بَغْتَةً فجأة وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿107﴾
قُلْ
هَٰذِهِ سَبِيلِي هذا نهجي أَدْعُو إِلَى
اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ على ايمان بالله
أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
﴿108﴾
وَمَا
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ
ۗ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ألم يدرسوا
تاريخ الامم فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ جزاء الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۗ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ
خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿109﴾
حَتَّىٰ
إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ فقدوا الامل
وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا وتحققوا من فشلهم
وهزيمتهم جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ
بَأْسُنَا لا يمكن منع بأس الله عَنِ الْقَوْمِ
الْمُجْرِمِينَ الكافرين ﴿110﴾
لَقَدْ
كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ لأصحاب العقول مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ لم تكن هذه القصة مختلقة وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي
بَيْنَ يَدَيْهِ انما هي تأكيد لم جاء في التوراة
والانجيل وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وشرح
وافي للأحداث وَهُدًى هداية ونور
وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿111﴾
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق