12‏/02‏/2016

سورة القلم - 68

سورة القلم – 68

52 آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ن الله أعلم بها وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ يُقسم الله بالقلم وما يُكتب به ﴿1﴾

مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ بِمَجْنُونٍ رَبِّكَ إشارة الى النهمة التي انعم بها الله على رسوله بتكليفه بالرسالة وبإنزال وحي القرآن عليه وينفي عنه ما تهمه به الكفار بأنه أصابه مس من الجنون ﴿2﴾

وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ يؤكد الله لنبيّه انه سيثيبه ثوابا لا ينقطع في الدنيا والآخرة ﴿3﴾

وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ويؤكّد الله لنبيّه انه لا يجاريه أحد بأخلاقه الكريمة ولا يملك أحد عقلاً كعقله المُتّزن ولا يحمل أحد قلباً كقلبه الكبير الذي يسع بمحبّته كلّ الناس ولا ينعم أحد بنفسٍ كنفسه المتواضعة الخاشعة لله ﴿4﴾

فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ ستعلم يا محمّد وسيعلم الكفّار ﴿5﴾

بِأَيْيِكُمُ الْمَفْتُونُ من الذي أصابه الجنون وفتنه حتى عماه عن الايمان ﴿6﴾

إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ان ربك يا محمد هو الذي يعلم من طاع عن الصراط المستقيم وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ وهو بعلم من اهتدى الى طريق الحق والايمان ﴿7﴾

فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ يأمر الله نبيّه ان لا يهتم بما يقوله الكافرون المجبولون بالكذب والافتراء ﴿8﴾

وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فهم يطمعون أن تلين اليهم وتوافقهم على الكفّ عن تبليغ رسالة الله فَيُدْهِنُونَ فيلينون هم ويٌقلعون عن الافتراء عليك ومحاربتك ﴿9﴾

وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ولا يؤثّر فيك من هو كثير الحلفان متذلّل ﴿10﴾

هَمَّازٍ يغتاب الناس مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ينشر النميمة والكلام السلبي على الناس ﴿11﴾

مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ لا يحب الخير لأحد ويحاول دائماً منعه عن غيره مُعْتَدٍ عدواني عدائي له طبع العداء أَثِيمٍ جائر ﴿12﴾

عُتُلٍّ جبار غليظ القلب بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ دخيل غريب لا يُعرف أصله ﴿13﴾

أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ بمعنى انه يفتخر بماله وكثرة ذريّته ﴿14﴾

إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ يُكذّب بآيات القرآن ويقول انها حكايات وأساطير تُروى عن الأمم السابقة ﴿15﴾

سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ بمعنى ان الله سيشمه بعلامة على أنفه ﴿16﴾

إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ يؤكد الله انه يختبر اهل الكفر كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ كما اختبر أصحاب البستان إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ الذين أقسموا وعاهدوا بعضهم أن يحصدوا ثمار بستانهم عند الصباح ﴿17﴾

وَلَا يَسْتَثْنُونَ الّا انهم لم يذكروا مشيئة الله في قسمهم ﴿18﴾

فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ أرسل الله ريحاً حارقة هبّت في بستانهم وَهُمْ نَائِمُونَ إشارة الى ان الريح هبّت ليلا قبل مجيء الصباح الذي جعله أصحاب البستان موعداً للحصاد ﴿19﴾

فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ أصبح زرع البستان الأخضر أسوداً كسواد الليل ﴿20﴾

فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ جمّعوا بعضهم والتقوا في موعدهم عند الصباح ﴿21﴾

أَنِ اغْدُوا عَلَىٰ حَرْثِكُمْ وشجّعوا بعضهم البعض للذهاب وحصد ثمار زرعهم إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ إذا ما زلتم عازمين على الحصاد ﴿22﴾

فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ مشوا نحو البستان وهم يتكلمون همسا ﴿23﴾

أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ مُقرّرين بالإجماع ان لا يتصدّقوا من نتاج زرعهم على المساكين والمحتاجين ﴿24﴾

وَغَدَوْا عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ على حرد تعني على قرار المنع وعلى هذا القرار ذهبوا عازمين ومصممين على منع للمساكين من الدخول الى البستان ﴿25﴾

فَلَمَّا رَأَوْهَا لمّا رأوا ما أصاب بستانهم قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ظنّوا انهم ضلّوا الطريق ﴿26﴾

بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ثمّ أيقنوا انهم حُرموا جنى بستانهم ﴿27﴾

قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ فذكّرهم أكثرهم فهماً وتعقّلاً بنصيحته حين نصحهم أن يُضيفوا على قسمهم التسبيح لله والتماس مشيئته ﴿28﴾

قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ أقّروا بظلمهم أنفسهم وندموا على سوء تصرّفهم ﴿29﴾

فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ وراحوا يلومون بعضهم بعضاً ﴿30﴾

قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ واعترفوا انهم كانوا قساة القلوب اذ عزموا على حرمان المساكين ﴿31﴾

عَسَىٰ رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ بمعنى أملوا برحمة الله أن يعوّض عليهم بستانا يدرّ عليهم ثمارا أكثر من الذي احترق وضاع منهم بسبب نسيانهم ان الله هو الذي يريد ويشاء وليس العبد ﴿32﴾

كَذَٰلِكَ الْعَذَابُ يُعطي الله مثل البستان واصحابه ليبيّن أن الشقاء الحقيقي هو الندم على فقدان ما تُحب وخسارة ما عملت عليه ولكن هذا هو الشقاء والعذاب في الدنيا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ يؤكّد الله أنّ العذاب في الآخرة أشدّ وأوجع من العذاب في الدنيا لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴿33﴾

إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ للطائعين عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴿34﴾

أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ أنساوي المؤمنين المسلمين بالكفار الفجّار ﴿35﴾

مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ كيف تُفكّرون هذا التفكير الحقير ﴿36﴾

أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ أكان لكم دليل في كتاب غير القرآن ينصّ ما تقولون ﴿37﴾

إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ أو فيه ما يتوافق مع ميولكم وأهوائكم ﴿38﴾

أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ أم عندكم من الله عهود ومواثيق عاهدكم عليها الى يوم القيامة أن يكون لكم ما تريدون ﴿39﴾

سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَٰلِكَ زَعِيمٌ اسألهم يا محمد من منهم يدّعي ويزعم ان لديه كتاب غير القرآن ﴿40﴾

أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ وإذا كان لديهم آلهة وأصناما يعبدونهم فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فليأتوا اذن بآلهتهم وأصنامهم يوم القيامة ليجعلوا لهم نصيبا في الجنة مثل نصيب المسلمين المؤمنين ﴿41﴾

يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ هذا تعبير مجازي عن شدة الهول والفزع يوم القيامة بمعنى ان الانسان يُشمّر عن ساقه في الدنيا اذا أراد ان يعمل عملا صعبا او يواجه موقفا شديدا وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ غير أن الله عند يوم القيامة يتحدّى الكفار أن يُشمّروا عن ساقهم لمواجهة ما سيصيبهم من عذاب الّا انهم لا يستطيعون حتّى أن الامتثال لأمر الله بالسجود فلا يستطيعون السجود ﴿42﴾

خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ ينظرون الى الأسفل بسكون وخشوع تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ منهكين من المذلة والمهانة وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ وقد كانوا من قبل في الدنيا بصحتهم وعافيتهم ونشاطهم يسجدون بسهولة ﴿43﴾

فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَٰذَا الْحَدِيثِ يقول الله لنبيّه دعني أتولّ أمر من يُكذّب بهذا القرآن سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ أي ان الله يريد أن يقرّبهم شيئا فشيئاً من نار جهنّم ﴿44﴾

وَأُمْلِي لَهُمْ وأن الله سيمهلهم ويؤخّر عذابهم كي ينغمسون أكثر بكفرهم إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ومكر الله قوي شديد لا يضعف مع الوقت ﴿45﴾

أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ كأنّك يا محمد تطلب منهم غرامة مالية مفروضة عليهم مُثْقَلُونَ من اعبائها ﴿46﴾

أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ أم أنّهم على علم بأسرار الكون والخلق فَهُمْ يَكْتُبُونَ بمعنى يكتبون أقدار الناس ﴿47﴾

فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ أصبر يا محمد على ما يأمرك به ربك وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إشارة الى النبي يونس الذي ابتلعه الحوت إِذْ نَادَىٰ دعا ربه وَهُوَ مَكْظُومٌ مكروب مغموم ﴿48﴾

لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ لولا أن أدركته رحمة مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ لبقي مُلقى وحيدا في ارض لا يوجد فيها أحد وَهُوَ مَذْمُومٌ بمعنى ملام وموبّخ ﴿49﴾

فَاجْتَبَاهُ اصطفاه رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿50﴾

وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ يوقعون بك ارضا من شدة التحديق بك غيظاً لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴿51﴾

وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴿52﴾



ليست هناك تعليقات: