13‏/02‏/2016

سورة التوبة - 9

 9 *سورة التوبة* (129 آية) 

بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (يتبرّأ الله من العهد مع كفار قريش) ﴿1﴾ فَسِيحُوا (انتشروا) فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (هي الأشهر الحرم خلالها يأمن الكفار على أنفسهم) وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ﴿2﴾ وَأَذَانٌ (بلاغ) مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ (إن أعرضتم) فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿3﴾ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا (استثنى الله المشركين الذين لم يُخلّوا بأي بند من بنود العهد) وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا (لم يتحالفوا مع أحد ضدّكم) فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ (انتهاء) مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴿4﴾ فَإِذَا انْسَلَخَ (انتهت) الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ (ذو القعدة – ذو الحجة – مُحرّم - رجب) فَاقْتُلُوا (قاتلوا) الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ (أسرى) وَاحْصُرُوهُمْ (حاصروهم في البلاد) وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ (اقطعوا عليهم الطرقات إن كان لسفر أو تجارة) فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ (أفرجوا عنهم) إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿5﴾ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ (طلب حمايتك) فَأَجِرْهُ (احميه) حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ (ثمّ أطلق سراحه وأوصله الى مكان آمن) ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ﴿6﴾ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ (طالما التزموا بعهدهم) فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ (التزموا بعهدكم معهم) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴿7﴾ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ (إذا قاتلوكم وتمكّنوا منكم) لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا (لن يرحموا فيكم *الّاً* قريب) وَلَا ذِمَّةً (ولا حليف أو تحت الحماية) يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ (يُظهرون لكم المودّة) وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ (نواياهم عكس ذلك مليئة بالحقد والكراهية) وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ﴿8﴾ اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا (امتنعوا عن الإيمان من اجل مكسب ضئيل) فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ (حاربوا المسلمين) إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿9﴾ لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ (لا يمنعهم أذية مؤمن) إِلًّا وَلَا ذِمَّةً (ولو كان من الأقرباء أو من الذين يشملهم عهد أو حِلف) وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ ﴿10﴾ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۗ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿11﴾ وَإِنْ نَكَثُوا (نقضوا) أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ (بعد توثيقه) وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ (رؤوس) الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ (لا يراعون عهودهم) لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ﴿12﴾ أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ (نقضوا عهدهم) وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ (بادروا بطرد الرسول) وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ (بادروا بقتالكم) أَتَخْشَوْنَهُمْ ۚ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿13﴾ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ (يهزمهم) اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ (يُذلّهم) وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ (يشرح) صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ﴿14﴾ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ (يشفي غليلهم) وَيَتُوبُ (يغفر) اللَّهُ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿15﴾ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا (دون محاسبة) وَلَمَّا (ولا)  يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً (لم يفشوا خطط الرسول الحربية - الوليجة هي التواصل والتقرّب) وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿16﴾ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا (القصد هو رعاية المساجد وصيانتها) مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ (فشلت خططهم) وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴿17﴾ إِنَّمَا يَعْمُرُ (يرعى) مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴿18﴾ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (ليس تأمين المياه للحجّاج وصيانة المساجد) كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُونَ (لا يتساوون) عِنْدَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿19﴾ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا (من مكة الى المدينة) وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ (دفعوها ليساهموا بتكلفة الحرب) وَأَنْفُسِهِمْ (وقدّموا حياتهم في سبيل الله) أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿20﴾ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (دائم) ﴿21﴾ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴿22﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ (لا تكونوا لهم اتباع) إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ (إذا بقوا على كفرهم) وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ (يتبّعهم) مِنْكُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿23﴾ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا (كسبتموها) وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ (تخافون) كَسَادَهَا (فسادها) وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا (تُحبّون السكن فيها) أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا (انتظروا) حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴿24﴾ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ (معارك) كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ (اسم البلدة التي وقعت فيها الغزوة وهي على مقربة من مدينة الطاف السعودية) إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ (غرّتكم) كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا (لم تنفعكم بشيء) وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ (الأرض رغم وساعتها هي ضيّقة عليهم بسبب خوفهم من الهزيمة) ثُمَّ وَلَّيْتُمْ (ابتعدتم) مُدْبِرِينَ (فارّين) ﴿25﴾ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ (أمنه وسلامه) عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ (هزم) الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ﴿26﴾ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿27﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (قذارة) فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً (ضيق عيش) فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿28﴾ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ (لا يؤمنون بدين الإسلام) مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ (اليهود والنصارى) حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ (يدفعوا الضريبة) عَنْ يَدٍ (مُجبرين على الدفع) وَهُمْ صَاغِرُونَ (ذليلون) ﴿29﴾ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ (هو رجل صالح من يعتبره اليهود أنه من الأنبياء وقد وردت قصته في سورة البقرة، حيث أماته الله مائة عام ثم بعثه فقام يحثّ بني إسرائيل على الإيمان وأعاد لهم شرح التوراة بعد ان نسوها وجعلوها وراء ظهورهم فظنّوا أنّه ابن الله) ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ (يُردّدون) قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (كيف يفترون) ﴿30﴾ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ (كهنة اليهود) وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ (تنزّه وعلا) عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿31﴾ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ (يفترون على الله الكذب ليمنعوا الإيمان عن الذين يريدون الإيمان) وَيَأْبَى (يرفض ويُصرّ) اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴿32﴾ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ (الإسلام) لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ (ليجعله مهيمناً على ما قبل الإسلام من أديان) وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴿33﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ (يستولون على أموال الناس يغير حق) وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ (دين) اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ (لا يساهمون بها في الجهاد) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿34﴾ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا (أموالهم وممتلكاتهم) فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا (عقاب) مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴿35﴾ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ (حدّدها الله) يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ (حرام فيها القتال وغيره من أعمال حدّدها الله) ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ (الصحيح القويم) فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ (لا تُخالفوا الله) وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً (بقوة) كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴿36﴾ إِنَّمَا النَّسِيءُ (إبدال شهراً حراماً بشهر عادي) زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا (يُعادلوا) عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ (حساب الأشهر الحرم) فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴿37﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا (انطلقوا للجهاد) فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ (تباطأتم) إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ (نعيم) الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (بالنسبة لنعيم الآخرة) ﴿38﴾ إِلَّا تَنْفِرُوا (إذا لم تُجاهدوا كما أمركم الله) يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿39﴾ إِلَّا تَنْصُرُوهُ (نبيّكم) فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ (الرسول وأبو بكر الصدّيق) إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ (مغارة ثور على اسم الجبل الذي يقع فيه) إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ (لا تجزع) إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿40﴾ انْفِرُوا (هبّوا للجهاد) خِفَافًا (بالأسلحة الخفيفة) وَثِقَالًا (مُدجّجين بالأسلحة) وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿41﴾ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا (منفعة سهلة) وَسَفَرًا قَاصِدًا (دون عناء ومشقّة) لَاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ (استصعبوا مشقّة السفر) وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴿42﴾ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ (يسامحك الله اذا لم تأذن لهم) حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ﴿43﴾ لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ (المؤمنون لا يطلبون إذناً من الرسول للجهاد بل يبادرون بدفع أنفسهم وأموالهم للجهاد في سبيل الله) وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ﴿44﴾ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ (شكّهم) يَتَرَدَّدُونَ ﴿45﴾ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ (للجهاد) لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً (لجهّزوا أنفسهم) وَلَٰكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ (كره خروجهم معك للجهاد) فَثَبَّطَهُمْ (أحبطهم) وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴿46﴾ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا (إحباطاً) وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ (أحبطوا عزيمتكم بالنميمة) يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴿47﴾ لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ (صعّبوا عليك مسعاك في الجهاد) حَتَّىٰ جَاءَ الْحَقُّ (نصر الله) وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ ﴿48﴾ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي (بعدم الخروج الى الجهاد) وَلَا تَفْتِنِّي (لا تُحرجني) أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا (وقعوا في الشرك أو في المكروه) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ﴿49﴾ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ (نصر) تَسُؤْهُمْ (تُغضبهم) وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ (هزيمة) يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا (حذرنا) مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا (يبتعدوا) وَهُمْ فَرِحُونَ ﴿50﴾ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴿51﴾ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا (لا تنتظرون منّا) إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ (النصر أو الجنة) وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ (ننتظر) أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ (جهنّم) مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا (أو الهزيمة على أيدينا) فَتَرَبَّصُوا (انتظروا) إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (مُنتظرون) ﴿52﴾ قُلْ أَنْفِقُوا (ساهموا في كلفة الجهاد ... الكلام موجّه للمنافقين) طَوْعًا أَوْ كَرْهًا (بإرادتكم أو مرغمين) لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ ۖ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (فاجرين) ﴿53﴾ وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنْفِقُونَ (لا يتصدّقون) إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (على مضض) ﴿54﴾ فَلَا تُعْجِبْكَ (كثرة) أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ (يموتون) وَهُمْ كَافِرُونَ ﴿55﴾ وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (يخدعون) ﴿56﴾ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا (مكانا آمناً) لَوَلَّوْا (توجّهوا) إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (يسرعون) ﴿57﴾ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ (يتهمّك ويعيب عليك) فِي (توزيع) الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (يغضبون) ﴿58﴾ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا (وكيلنا) اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (طالبون منه القبول والرضا) ﴿59﴾ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا (الكتبة المولجين بإحصاء الصدقات لتوزيعها) وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ (المؤمنين بالله ولم يدخلوا بعد في الإسلام) وَفِي الرِّقَابِ (العبيد والجواري) وَالْغَارِمِينَ (المتعثّرين في إيفاء ديونهم) وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ (الذين ليس لديهم مال ليجاهدوا في سبيل الله) وَابْنِ السَّبِيلِ (عابر السبيل الذي انقطع ماله) فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿60﴾ وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ (يُهينوه بالكلام) وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ (يُصدّق ما يقال له) قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ (يعمل على صلاح أموركم) يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ۚ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿61﴾ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ ﴿62﴾ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ (من يعادي) اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ الْخِزْيُ (الشقاء والذل) الْعَظِيمُ ﴿63﴾ يَحْذَرُ (يخاف) الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ (تفضح نواياهم) قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ ﴿64﴾ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ (لم نكن جادّون بجدالنا) قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴿65﴾ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴿66﴾ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ (حالهم في الكفر والشرك واحد) يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ (المكروه) وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ (يبخلوا عن الصدقات) نَسُوا اللَّهَ (تجاهلوا امر الله) فَنَسِيَهُمْ (تجاهلهم) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (الفاجرون) ﴿67﴾ وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ هِيَ حَسْبُهُمْ (مصيرهم) وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (دائم لا ينقطع) ﴿68﴾ كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ (نصيبهم في الدنيا) فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ (فعلتم مثلهم) وَخُضْتُمْ (انغمستم في الباطل) كَالَّذِي خَاضُوا أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿69﴾ أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ (قوم لوط الذين انقلبت الأرض بهم فصار عاليها سافلها) أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴿70﴾ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ (أنصار) بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿71﴾ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ (رضا الله عليهم أعظم من النعيم الذي هم فيه في الجنة) ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿72﴾ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ (لا ترحمهم) وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿73﴾ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ (نطقوا بالكفر رغم حلفانهم وإنكارهم) وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا (بقتل الرسول) بِمَا لَمْ يَنَالُوا (أفشل الله خطّتهم) وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ (لا مبرّر لحنقهم على الرسول وهو قد تفضّل عليهم بأمر الله فأصبحوا أغنياء ممّا جنوه من فدية وغنائم) فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ ۖ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴿74﴾ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿75﴾ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ (لم يتصدّقوا به) وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴿76﴾ فَأَعْقَبَهُمْ (ألزمهم ذلك) نِفَاقًا (مكراً وخبثاً) فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴿77﴾ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ (ما يُضمرون وما يكيدون) وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (عالم بأسرار الخلق والكون) ﴿78﴾ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ (يُعيبون) الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ (كانوا يسخرون من الفقراء الذين لا يملكون مالا ينفقونه في الجهاد) سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿79﴾ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴿80﴾ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ (المتخلّفون عن الجهاد) بِمَقْعَدِهِمْ (لأنهم بقوا في ديارهم) خِلَافَ (خلافا لأمر) رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا (لا تنطلقوا الى الجهاد) فِي الْحَرِّ ۗ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ۚ لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ﴿81﴾ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (من سيئات) ﴿82﴾ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَىٰ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا ۖ إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (مع المعذورين) ﴿83﴾ وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ۖ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (فاجرون) ﴿84﴾ وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ (يموتون) وَهُمْ كَافِرُونَ ﴿85﴾ وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ (الأغنياء) مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا (دعنا) نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (النساء والشيوخ والأطفال) ﴿86﴾ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ (الذين لهم عذرهم بعدم الجهاد) وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ (أقفل الله بصيرتهم) فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴿87﴾ لَٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿88﴾ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿89﴾ وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ (الذين لديهم أعذارهم) مِنَ الْأَعْرَابِ (عرب البادية) لِيُؤْذَنَ لَهُمْ (بالجهاد) وَقَعَدَ (تخلّف) الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿90﴾ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ (الفقراء الذين ليس لديهم مالا ينفقوه ليخرجوا الى الجهاد) حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا (أخلصوا) لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ (من عقاب) وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿91﴾ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ (لتعينهم بالمال ليستطيعوا الخروج الى الجهاد) قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ (ليس معي مالا أساعدكم به للخروج معي) تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ﴿92﴾ إِنَّمَا السَّبِيلُ (يقع الذنب) عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ ۚ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ (المعذورين من القتال) وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿93﴾ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ ۚ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ ۚ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ (يعلم كل ما خفي عن النظر وما ظهر) فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿94﴾ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ (رجعتم من الجهاد) إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ (تتجاهلوا ما فعلوا) فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ (نجس) وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿95﴾ يَحْلِفُونَ لَكُمْ (يستحلفونكم بالله) لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ ۖ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَىٰ عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (المجرمين) ﴿96﴾ الْأَعْرَابُ (عرب البادية) أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ (أحرى) أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿97﴾ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ (يعتبر الصدقة) مَغْرَمًا (جزية) وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ (يتمنى لكم المصائب) عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ (هم الذين ستصيبهم المصائب) وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿98﴾ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ (يتصدّق رجاء أن يتقرّب) عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ ۚ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ (صدقة تُقرّبهم من رضا الله عليهم) سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ (يُدخلهم جنّته) إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿99﴾ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ (أوّل الذين آمنوا مع الرسول واعتنقوا الإسلام) مِنَ الْمُهَاجِرِينَ (أهل مكة) وَالْأَنْصَارِ (أهل المدينة) وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ (والذين أسلموا بعدهم عن إيمان) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿100﴾ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا (اعتادوا) عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ ﴿101﴾ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿102﴾ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا (تُنزّههم عمّا عملوه) وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ (راحة) لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿103﴾ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ (يقبل) الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿104﴾ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿105﴾ وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ (بانتظار حكم الله عليهم) إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿106﴾ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا (لنشر الفتنة والكفر) وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا (تجهيزا) لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴿107﴾ لَا تَقُمْ (لا تُصلّي) فِيهِ أَبَدًا ۚ لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴿108﴾ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ (على أساس ضعيف) فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿109﴾ لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً (شك) فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ (تتصدّع) قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿110﴾ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ (يعتبر الله مساهمتهم بأنفسهم وأموالهم تجارة رابحة لهم) بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ (بتجارتكم مع الله) وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿111﴾ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ (الصائمون) الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿112﴾ مَا كَانَ (لا يجوز) لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ (يطلبوا العفو للكفار) وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴿113﴾ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ (وعد) وَعَدَهَا إِيَّاهُ (من قبل) فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ (كثير الدعاء) حَلِيمٌ (صبور) ﴿114﴾ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ (يشرح لهم مغبّة كفرهم) إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿115﴾ إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۚ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴿116﴾ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ (ترتعب) قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ (غفر لهم) إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿117﴾ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا (تخلّفوا عن الجهاد) حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ (بمعنى ان سبل العيش ضاقت عليه في الأرض رغم وسعها) وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ (أصابهم الاكتئاب والندم الشديد) وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿118﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴿119﴾ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ (تعب) وَلَا مَخْمَصَةٌ (جوع) فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا (يحتلّون موقعاً) يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿120﴾ وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً (لا يُساهمون مساهمة) صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا (للجهاد) إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿121﴾ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً (لا يُطلب من جميع المؤمنين المشاركة في القتال) فَلَوْلَا نَفَرَ (تشكّل) مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ (جماعة) لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ (لو يُشكّلوا منهم وفودا لتعليم الناس الدين) وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ (والذين تعلّموا يعلّمون غيرهم) لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (يتجنّبون القتال ويعمّ السلام والاطمئنان) ﴿122﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ (يُحاربونكم) مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴿123﴾ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴿124﴾ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ (ضُعف إيمان) فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا (نجساً) إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ﴿125﴾ أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (يعتبرون) ﴿126﴾ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا ۚ صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ (عن الإيمان) بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴿127﴾ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ (يؤلمه معاناتكم) حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ (يهمّه أمركم) بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴿128﴾ فَإِنْ تَوَلَّوْا (كفروا) فَقُلْ حَسْبِيَ (وكيلي) اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴿129﴾

سورة يونس - 10

10 *سورة يونس* (109 آية)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الر (الله أعلم برمزها) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ﴿1﴾ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا (أيعجب أهل قريش) أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ (لهم مرتبة رفيعة ومصداقية) عِنْدَ رَبِّهِمْ ۗ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ ﴿2﴾ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ (بسط سلطانه) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ (يدير شؤون الخلق والكون) مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (الا تعتبرون) ﴿3﴾ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ (مصيركم) جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا (سيتحقّق) إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ (يوم البعث) لِيَجْزِيَ (يكافئ) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ (بالعدل) وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ (ماء شديد الغليان) وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴿4﴾ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً (إشارة الى ضوء الشمس ذاتي) وَالْقَمَرَ نُورًا (إشارة الى أنّ نور القمر غير ذاتي بل مُستمدّ من ضوء أو انعكاس لضوء) وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ (القمر يظهر شكله بالتدريج وفق دورة الأرض بدءاً بشكل الهلال ثم يكبر شكله تدريجا حتى يصبح بدراً أي دائرة متكاملة في مدة 15 يوماً ثم يعود بشكل هلال لتبدأ فترة زمنية أخرى) لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ (من أشكال القمر التي تظهر لنا نستطيع حساب الساعة واليوم والشهر والسنة) مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ (عن قدرة إلهية) يُفَصِّلُ الْآيَاتِ (خصائص خلقه) لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿5﴾ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ (تعاقب) اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ (براهين على قدرة الله) لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (يطيعون الله ويخشون غضبه) ﴿6﴾ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا (لا يؤمنون بالأخرة) وَرَضُوا (اكتفوا) بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (ساهون متجاهلون) ﴿7﴾ أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ (مصيرهم ومقرّهم) النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (من سيئات) ﴿8﴾ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴿9﴾ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ (تنزّهت يا رب وتعاليت عن كل ما لا يليق بك) وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿10﴾ وَلَوْ يُعَجِّلُ )يُسرّع( اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ (دعاء الخير) لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ أهلكهم) فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ (جبروتهم) يَعْمَهُونَ (يغوصون) ﴿11﴾ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ (مرض) دَعَانَا لِجَنْبِهِ (وهو مستلقي) أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا (واقفاً للصلاة) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ (لمّا شفاه الله) مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَسَّهُ (نسي انه دعا الله ليشفيه مما أصابه) كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ (المفرطين في الكفر) مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿12﴾ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ (الأمم) مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا (لمّا كفروا) وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ﴿13﴾ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ (أجيالا متعاقبة) فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴿14﴾ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ۙ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ (يُنكرون) لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ ۚ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿15﴾ قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ (مكثتُ) فِيكُمْ عُمُرًا (فترة طويلة) مِنْ قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿16﴾ فَمَنْ أَظْلَمُ (من أشدّ كفراً) مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (قال قولا نسبه الى الله) أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ (لا يفوز) الْمُجْرِمُونَ ﴿17﴾ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿18﴾ وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا (تفرّقوا أمما متنازعة) وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ (لولا وعد سابق من الله) لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ (أصدر حكمه عليهم) فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿19﴾ وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ (مُعجزة) مِنْ رَبِّهِ ۖ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ (القرار الإلهي) لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ﴿20﴾ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا (الله أسرع بإحباط مؤامراتهم) إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ ﴿21﴾ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ (يؤمّن لكم الطرقات) فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ (السفُن) وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ (أحاط بهم) الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ حقّقوا من موتهم غرقا) دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَٰذِهِ (العاصفة) لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴿22﴾ فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ (يظلمون) فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ (ظلما وعدوانا) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ (ظلمكم يرتدّ عليكم) مَتَاعَ (ترف) الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿23﴾ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ (تفاعل معه) نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ (حتى اذا نبت الزرع وظهرت ألوانه) وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا (قادرون على حماية زرعهم من الهلاك) أَتَاهَا أَمْرُنَا (مشيئة الله) لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا (زرعا تالفا يابسا) كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ (كأن الزرع لم يكن يانعا مبهجا من قبل) كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الإنسان مهما تقدّم وتطوّر وظنّ انه مسيطر على الأرض سيأتي امر الله فجأة لإزالة الأرض ومن عليها ولن يستطيع ان يفعل شيئا) ﴿24﴾ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ (الجنّة) وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿25﴾ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ (الجنّة) وَزِيَادَةٌ (قيل الزيادة هي رؤية وجه الله والله أعلم) وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ (كآبة) وَلَا ذِلَّةٌ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿26﴾ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ (تحلّ عليهم مشقّة ومهانة) مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ (مانع) كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ (غطّت) وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا (سوداء كسواد الليل) أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿27﴾ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ (اثبتوا مكانكم) أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا (فرّقنا) بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ ﴿28﴾ فَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (أصنامهم وآلهتهم يُشهدون الله انهم لم يكونوا على علم أن الكفار كانوا يعبدونهم) ﴿29﴾ هُنَالِكَ تَبْلُو (تلقى) كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ (ما عملت في الدنيا) وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ (وقفوا أمام الله) وَضَلَّ عَنْهُمْ (تخلّى عنهم) مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (يدّعون انهم شركاء الله) ﴿30﴾ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ (من يدير شؤون الخلق والكون) فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴿31﴾ فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ (كيف تنقلبون الى الشرك بالله) ﴿32﴾ كَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ (وقع قضاؤه) عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا (كفروا) أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿33﴾ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۚ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ (كيف تفترون) ﴿34﴾ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴿35﴾ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ (لا يحلّ محلّ الواقع والحقيقة) شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴿36﴾ وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَىٰ (لا يُمكن لأحد ان يكتبه تزويرا) مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ (التوراة والإنجيل) وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ (شرح السنن والشرائع والأحكام ومناهج الحياة) لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿37﴾ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ (يدّعون ان محمد كتبه) قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ (استعينوا بمن شئتم) مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿38﴾ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ (كفروا عن جهل) وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ (كذّبوا به قبل أن يعلموا فحواه) كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۖ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴿39﴾ وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ ۚ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ﴿40﴾ وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي (لي إيماني) وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ (ولكم كفركم) أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴿41﴾ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ ﴿42﴾ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ ﴿43﴾ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴿44﴾ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا (في الموت) إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ۚ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴿45﴾ وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ (الآن) بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ (من عذاب) أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ (في الدنيا) ﴿46﴾ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (بالعدل) وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿47﴾ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ (ميعاد يوم البعث) إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿48﴾ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ (زمن محدّد) إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴿49﴾ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا (ليلا) أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ ﴿50﴾ أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴿51﴾ ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴿52﴾ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ (يستطلعون منك ويستحلفونك) أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ ۖ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴿53﴾ وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ (لو كان الإنسان يملك ثروة الأرض كلها) لَافْتَدَتْ بِهِ (دفعته فدية لردّ العذاب) وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ (ندموا في قرارة نفسهم) لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (صدر حكم الله عليهم بالعدل) وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿54﴾ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿55﴾ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿56﴾ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ (طمأنينة) لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿57﴾ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (من مال) ﴿58﴾ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ﴿59﴾ وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ﴿60﴾ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ (حين تقومون بهذا العمل) وَمَا يَعْزُبُ (لا يغيب) عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ (وزن حبة تراب) فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (سجل مُفصّل) ﴿61﴾ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ (من تولّاهم الله بعطفه) لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿62﴾ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (يتجنّبون معصية الله) ﴿63﴾ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ (بالجنة) فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ (يدخلون الجنّة) لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ن يُغيّر الله ما وعد به) ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿64﴾ وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿65﴾ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (يكذبون) ﴿66﴾ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ (للراحة والنوم) وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا (للعمل والسعي الى الرزق) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ (براهين) لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (لديهم الفهم والإدراك) ﴿67﴾ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ الْغَنِيُّ (بغنى) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ (برهان) بِهَٰذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿68﴾ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (لا ينجح مكرهم ومسعاهم) ﴿69﴾ مَتَاعٌ (ترف زائل) فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴿70﴾ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ (عزّ) عَلَيْكُمْ مَقَامِي (أنّى رسول الله) وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ (تشاوروا في الأمر) وَشُرَكَاءَكُمْ (أنتم وأصنامكم) ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً (لا تكتموا قراركم) ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ (أعلموني بقراركم) وَلَا تُنْظِرُونِ (لا تُمهلوني) ﴿71﴾ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ (إذا قررتم الكفر) فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿72﴾ فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ (أجيالا متتابعة) وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۖ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ ﴿73﴾ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ (آيات الله) فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ۚ كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ (نطمس) عَلَىٰ قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ ﴿74﴾ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَىٰ وَهَارُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ (اتباعه) بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ﴿75﴾ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ (المعجزات) مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَٰذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ ﴿76﴾ قَالَ مُوسَىٰ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ ۖ أَسِحْرٌ هَٰذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ ﴿77﴾ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا (لتُحيدنا) عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ (السلطة) فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ ﴿78﴾ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ﴿79﴾ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَىٰ أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (من حبال وعُصيّ) ﴿80﴾ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴿81﴾ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ (يفي الله وعده) وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴿82﴾ فَمَا آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ (عدد قليل) مِنْ قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ (يقتلهم) وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ (ظالم) فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ ﴿83﴾ وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ﴿84﴾ فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً (فريسة) لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿85﴾ وَنَجِّنَا (أنقذنا) بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿86﴾ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ (اختارا) لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً (وجهة) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (بالجنّة) ﴿87﴾ وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً (جاهاً وعزّاً وسلطة وقوة) وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ (ليكفروا بك) رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ (إخفي) أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ (اجعلها قاسية) فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴿88﴾ قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا (اثبتا على إيمانكما) وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴿89﴾ وَجَاوَزْنَا (عبرنا) بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا (ظلما وعدوانا) حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿90﴾ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴿91﴾ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً (لتكون عبرة لمن بعدك) وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴿92﴾ وَلَقَدْ بَوَّأْنَا )أسكنّا( بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ (منازل آمنة) وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّىٰ جَاءَهُمُ الْعِلْمُ (حتى ظهر القرآن) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿93﴾ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ (الذين يتلون التوراة) مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (المشكّكين) ﴿94﴾ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿95﴾ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ (حقّ عليهم العذاب) لَا يُؤْمِنُونَ ﴿96﴾ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ (ولو انزل الله براهين كثيرة) حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴿97﴾ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ (خلّصناهم من العذاب المهين) فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ ﴿98﴾ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴿99﴾ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ (العذاب والنجاسة) عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ﴿100﴾ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (يريد الله أن ينظر الكفار الى آيات الله في السماء والأرض ليروا قدرته على الخلق) وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (ولكنهم لن يؤمنوا مهما رأوا من آيات الله ومن براهين ومهما أنذرتهم الرسل)  ﴿101﴾ فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ (من سبقهم من الأمم) قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ﴿102﴾ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا ۚ كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿103﴾ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿104﴾ وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا (مُخلصاً مستقيماً في إيمانك) وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿105﴾ وَلَا تَدْعُ (لا تعبد) مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ ۖ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿106﴾ وَإِنْ يَمْسَسْكَ (يُصيبك) اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ (مُخلّص وشافي) لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿107﴾ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ (خير له) وَمَنْ ضَلَّ (كفر) فَإِنَّمَا يَضِلُّ (يجني) عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ﴿108﴾ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّهُ ۚ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴿109﴾