13‏/02‏/2016

سورة القصص - 28

سورة القصص – 28

88 آية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

طسم الله أعلم بها ﴿1﴾

تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿2﴾

نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ حقيقة ما جرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿3﴾

إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا طغى فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا قسّمهم طوائف يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي يغتصب نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴿4﴾

وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ نتفضّل عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً نُعلي من شأنهم وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ للملك والنبوة ﴿5﴾

وَنُمَكِّنَ لَهُمْ نجعلهم المسيطرين فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ اسم الوزير الأوّل والمقرّب من فرعون وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ إشارة الى انهم كانوا يعلمون ان هلاكهم سيكون على يد رجل من بني اسرائيل ﴿6﴾

وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ في النهر وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿7﴾

فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا همّاً وغمّاً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ بمعنى انهم لم يدركوا نتيجة رعايتهم لموسى ﴿8﴾

وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ بمعنى لقد انشرح صدرنا به لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أي أن نستخدمه أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا أو نتبنّاه وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ان هذا الغلام قدرهم ﴿9﴾

وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا حزن قلبها على فراق ابنها إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ كادت تكشف امره لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا قوّينا عزمها وثبّتناها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿10﴾

وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ اتبعيه فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ راقبته من مكان بعيد قليلا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿11﴾

وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ بمعنى لم يكن يقبل أي مرضعة مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ الأخت هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ يُرضعونه ويقومون بالاهتمام بتربيته لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ بمعنى يعلّمونه الاخلاق الحميدة ﴿12﴾

فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا كي تفرح وينشرح صدرها وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ لتعلم انّ الله يفي بوعده وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿13﴾

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ شبّ وقوي عضده آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا جعلناه راشدا عليما وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿14﴾

وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا أي وهم نيام فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِنْ شِيعَتِهِ من بني اسرائيل وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ من قوم فرعون فَاسْتَغَاثَهُ طلب منه النجدة الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ ضربه ضربة خفيفة مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قتله قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ﴿15﴾

قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ارتكبت جُرما فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿16﴾

قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ إشارة الى قوّته البدنية فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا ناصرا لِلْمُجْرِمِينَ ﴿17﴾

فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ينتظر ان يقبضوا عليه فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ استنجد به بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ يستغيثه مرة اخرى قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ بمعنى إنك تدفع المرء ان يرتكب ذنباً ﴿18﴾

فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ فلمّا همّ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا طاغية فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ﴿19﴾

وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ يسير سيرا سريعا سعيا للوصل الى موسى قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ حاشية فرعون يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ يُخطّطون لقتلك فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴿20﴾

فَخَرَجَ مِنْهَا من المدينة خَائِفًا يَتَرَقَّبُ يتلفّت حوله خوفا قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿21﴾

وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ اتجاه مَدْيَنَ اسم القرية قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ الى ما فيه صلاح أمري ﴿22﴾

وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ وصل الى بئر الماء في مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً جمّع مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ غنمهم وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ بعيداً عنهم امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ تمنعان غنمهما عن السقاية قَالَ مَا خَطْبُكُمَا أي سألهما اذا كان هنالك من مشكلة تمنعهما من سقاية الغنم قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ لا نستطيع سقي الأغنام حتى ينتهي الرجال من السقاية وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴿23﴾

فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ ابتعد الى مكان فيه ظل يقي من حرارة الشمس فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ محتاج أن تُنعم عليّ وتُخلّصني من ما انا فيه من شقاء ﴿24﴾

فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ بخجل قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ ليعطيك أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا اجرا على مساعدتك لنا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ روى للشيخ حكايته قَالَ لَا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿25﴾

قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ استخدمه بأجر إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴿26﴾

قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ أزوّجك إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَنْ تَأْجُرَنِي أستخدمك ثَمَانِيَ حِجَجٍ مواسم فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ أي يكون هذا كرماً منك وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ أرهقك سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿27﴾

قَالَ ذَٰلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ هذا اتفاق بيننا أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ بمعنى أي مدة اقضيها ثماني او عشرة مواسم فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ لن اخلّ بالاتفاق وَاللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ شاهد ﴿28﴾

فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ أكمل مدة الاتفاق وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ لمح مِنْ جَانِبِ الطُّورِ من قرب جبل سيناء نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ دليل أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ شعلة حطب لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ تدفّئون ﴿29﴾

فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ ناداه ربّه مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ السفح الأيمن للجبل فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ تباركت بقعة الأرض التي اختارها الله لتكليم موسى مِنَ الشَّجَرَةِ قيل ان الشجرة كانت ناحية البقعة وقيل أنّ الله كلّم موسى من الشجرة والله أعلم أَنْ يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿30﴾

وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ ترتجف كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ فرّ هاربا ولم يلتفت الى ورائه يَا مُوسَىٰ أَقْبِلْ ارجع وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ ﴿31﴾

اسْلُكْ ضع يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تحت ابطك تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ من دون مرض فيها وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ اشبك يديك على صدرك ليزول خوفك فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴿32﴾

قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ ﴿33﴾

وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا له طلاقة في الحديث والتعبير فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا عوناً يُصَدِّقُنِي ۖ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ﴿34﴾

قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ سنقوّيك بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا بمعنى سنحميكما فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ ﴿35﴾

فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى من اعمال السحر والوهم وَمَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ﴿36﴾

وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَىٰ مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ من سيفوز بالجنة إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴿37﴾

وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا ابني لي من الطين برجاً عالياً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ أصعد وأرى إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿38﴾

وَاسْتَكْبَرَ ظلم هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ من غير عدل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ ﴿39﴾

فَأَخَذْنَاهُ أهلكناه هو وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ أغرقناهم جميعاً في البحر فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ عقاب الظَّالِمِينَ الكافرين الطاغين ﴿40﴾

وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ جعل الله فرعون وجنوده يقودون قومهم يوم القيامة الى النار وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ لا يجدون احداً يُخلّصهم من نار جهنم ﴿41﴾

وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً حللنا اللعنة عليهم في الدنيا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ أي من الذين تتشوّه ووجوههم بفعل لهيب النار ﴿42﴾

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ التوراة مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَىٰ الأمم السابقة بَصَائِرَ فيه الشرائع لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿43﴾

وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ سفح الجبل الغربي إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى الْأَمْرَ اتممنا امر رسالته وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴿44﴾

وَلَٰكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا أمماً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ طال الزمن عليهم فأنساهم الايمان وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا مقيما فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴿45﴾

وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا نادى الله موسى وَلَٰكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿46﴾

وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ تحلّ عليهم كارثة عقابا على ما اقترفوه من ذنوب فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿47﴾

فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ فلمّا ذكر القرآن تاريخهم الحقيقي وما فعلوه بأنبيائهم مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَىٰ إشارة الى المعجزات أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ مِنْ قَبْلُ ۖ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ساحران تعاونا على السحر وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ أي بموسى وهارون كَافِرُونَ ﴿48﴾

قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا أي افضل هداية من التوراة والقرآن أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿49﴾

فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ إن لم يؤمنوا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ لا يهمهم الى مصالحهم وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿50﴾

وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ اوصلنا إليهم رسالتنا لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يعتبرون ﴿51﴾

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ التوراة مِنْ قَبْلِهِ قبل القرآن هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ ﴿52﴾

وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ﴿53﴾

أُولَٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ لهم ضعف الثواب بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ يدفعون بِالْحَسَنَةِ ليمحوا السَّيِّئَةَ يقابلوا السيئة بالحسنة أي بالتسامح وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ يتصدّقون ﴿54﴾

وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ الكلام الباطل أَعْرَضُوا عَنْهُ تجنّبوا الخوض فيه وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ بمعنى لا نريد ان نجادل الجاهلين ﴿55﴾

إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴿56﴾

وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا نُطرد من البلاد أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا الكعبة آمِنًا محصّنا من الله على مدى الازمان يُجْبَىٰ تصل إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا إشارة الى انّ الله هو الذي يؤمّن لهم ارزاقهم وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿57﴾

وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا كفرت بنعمة الله عليها فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إشارة الى معظم القرى التي ابادها الله بات معظمها مهجورا إِلَّا قَلِيلًا ۖ وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ﴿58﴾

وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا قومها رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ﴿59﴾

وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ مهما كان عندكم من مال وثروة وسلطان في الدنيا فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا فهو ترف زائل وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿60﴾

أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا بالجنة فَهُوَ لَاقِيهِ فيفوز به كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ الى جهنم ﴿61﴾

وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴿62﴾

قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ استحقوا العذاب رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا ۖ تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ بمعنى نتبرأ امامك منهم مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ﴿63﴾

وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ ۚ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ ﴿64﴾

وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ عندما يسألهم يوم القيامة فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ﴿65﴾

فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ لم يستطيعوا الاجابة يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ ﴿66﴾

فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ﴿67﴾

وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ لم يأذن الله لهم باختيار قدرهم سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿68﴾

وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ تُخفي صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ يعلم أعمالهم ونواياهم ﴿69﴾

وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ لا اله غيره يُعبد لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَىٰ في الدنيا وَالْآخِرَةِ ۖ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿70﴾

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا دائما لا ينتهي إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ﴿71﴾

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ تريحون فِيهِ ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴿72﴾

وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ تناموا في الليل وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وتسعوا الى رزقكم في النهار وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿73﴾

وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ تدّعون انهم شركاء الله ﴿74﴾

وَنَزَعْنَا اخترنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا شاهداً فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿75﴾

إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ طغى عَلَيْهِمْ ۖ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ بمعنى ان حمل مفاتيح الكنوز يعجز عن حملها عدد من الأقوياء مجتمعين إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴿76﴾

وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ بمعنى وظّف ما اتاك الله من ثروة لتشتري بها اخرتك وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ حظّك مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ تتبع الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴿77﴾

قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِنْدِي بمعنى جمعت ثروتي بعملي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا للمال وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴿78﴾

فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ في كامل ما عليه من مظاهر الغنى وما معه من حاشية قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿79﴾

وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ بمعنى التحذير ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ من مال قارون لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا الجنة إِلَّا الصَّابِرُونَ ﴿80﴾

فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ فلم يجد من ينجيه مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ بمعنى لم ينصره او ينقذه أحد ﴿81﴾

وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ إشارة الى ان القوم الذين كانوا يتمنّون ان يكونوا مثل قارون اعترفوا ان الله يعطي من يشاء ويقلّل من العطاء لمن يشاء لَوْلَا أَنْ مَنَّ لطف بنا اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ واعترفوا ان الكافرين مهما علا شأنهم فخسارتهم مع الله لا بدّ واقعة ﴿82﴾

تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا طغيانا واستكبارا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴿83﴾

مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا ۖ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ بمعنى ان الحسنة يزيد الله من ثوابها ويعاقب الله السيئة على قدرها لا زيادة ولا نقصان ﴿84﴾

إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ يوم موعود قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿85﴾

وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَىٰ إِلَيْكَ الْكِتَابُ القران إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا نصيرا لِلْكَافِرِينَ ﴿86﴾

وَلَا يَصُدُّنَّكَ لا تمتنع عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ ۖ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿87﴾

وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۘ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ كل شيء يفنى إِلَّا وَجْهَهُ ۚ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿88﴾



ليست هناك تعليقات: