85 آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم الله أعلم بها ﴿1﴾
تَنْزِيلُ
الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴿2﴾
غَافِرِ
الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ صاحب النعم المتفضّل على عباده لَا إِلَٰهَ إِلَّا
هُوَ ۖ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴿3﴾
مَا يُجَادِلُ
فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ لا يخدعك تَقَلُّبُهُمْ قوّتهم وثروتهم فِي الْبِلَادِ ﴿4﴾
كَذَّبَتْ
قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ الأمم الذين
تحزّبوا ضد رسلهم مِنْ بَعْدِهِمْ ۖ وَهَمَّتْ بمعنى مكرت (همّ أي هبّ ليعمل عملاً) كُلُّ أُمَّةٍ
بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ ليقتلوه وَجَادَلُوا
بِالْبَاطِلِ بحديث لا برهان لهم فيه والباطل هو
الامر او العمل السيء لِيُدْحِضُوا ليتغلّبوا
بِهِ على الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ أهلكتهم فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴿5﴾
وَكَذَٰلِكَ
حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ نفذ وعد الله بالعقاب عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ
أَصْحَابُ النَّارِ ﴿6﴾
الَّذِينَ
يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ الملائكة الذين يحملون العرش
وَمَنْ حَوْلَهُ الملائكة الذين يطوفون حول العرش
يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ
آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ ملأتً كُلَّ
شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا عن كفرهم وآمنوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ صراطك المستقيم وَقِهِمْ جنّبهم عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴿7﴾
رَبَّنَا
وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ ومعهم من صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ
وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿8﴾
وَقِهِمُ جنّبهم عمل السَّيِّئَاتِ ۚ وَمَنْ تَقِ من تمنع عنه السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ
ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿9﴾
إِنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ من اسم
الله المُقيت وهو المهتم بحفظ وسلامة عباده والمعنى ان حفظ الله واهتمامه بالمؤمنين
وحمايتهم اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ
أَنْفُسَكُمْ أكبر من حفظكم واهتمامكم بأنفسكم
إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ لأنكم
دعيتم الى الايمان فكفرتم وفرّطتم بأنفسكم وقيل ان الآية تعني ان كره الله للكفار
اكبر من كرههم لبعضهم البعض لأنهم لم يستجيبوا لدعوة الايمان والله اعلم
﴿10﴾
قَالُوا
رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ أي قبل ولادتنا كنا
امواتا لا روح فينا وبعد ان انتهت حياتنا أمتّنا وأخذت الروح منّا وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ عندما نفخت الروح فينا قبل الولادة عندما كنا اجنّة في بطون
امّهاتنا ثم اخرجتنا للحياة لنعيش فيها ونحيا فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا
فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ فهل من طريقة نُصحّح
بها اخطائنا ﴿11﴾
ذَٰلِكُمْ أي ان هذا العقاب والعذاب كان بسبب بِأَنَّهُ إِذَا
دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ۖ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا ۚ فَالْحُكْمُ
لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ﴿12﴾
هُوَ
الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ أي ان الله جعلكم
تُبصرون نعمه ان خلقكم وسخّر لكم ما في الأرض والسماء لمنفعتكم وَيُنَزِّلُ
لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا إشارة الى المطر
الذي يُنبت الزرع وَمَا يَتَذَكَّرُ يعتبر
إِلَّا مَنْ يُنِيبُ الا الطائع الذي يتقرب الى الله
بإخلاص ﴿13﴾
فَادْعُوا
اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أي لا تُشركوا
بدعائكم احدا وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴿14﴾
رَفِيعُ
الدَّرَجَاتِ بمعنى رفعته تتنامى الى ما لا نهاية ذُو
الْعَرْشِ صاحب الملك والامر والنهي المتعالي عن
الخلق يُلْقِي الرُّوحَ الوحي
مِنْ أَمْرِهِ أي إذا شاء وأراد عَلَىٰ
مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ليحذّر العباد من مغبّة يوم القيامة ﴿15﴾
يَوْمَ
هُمْ بَارِزُونَ بمعنى واقفون عراة الا من أعمالهم
(بارزون أي واقفون امام الله) لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ
ۚ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴿16﴾
الْيَوْمَ
تُجْزَىٰ تُحاسب ويصدر الحكم كُلُّ نَفْسٍ
بِمَا كَسَبَتْ من حسنات وسيئات لَا ظُلْمَ
الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴿17﴾
وَأَنْذِرْهُمْ
يَوْمَ الْآزِفَةِ يوم القيامة التي يقترب عندها
موعد حساب الخلق (الازفة من ازف أي اقترب) إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ من الخوف كَاظِمِينَ مُكتئبون مرعوبون يحبسون غيظاهم مَا لِلظَّالِمِينَ
مِنْ حَمِيمٍ صديق وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ولا وسيط تُستجاب شفاعته عند الله ﴿18﴾
يَعْلَمُ
خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ بمعنى يعلم ما تعني نظرة
العين وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ الضمائر
والنوايا ﴿19﴾
وَاللَّهُ
يَقْضِي بِالْحَقِّ يحكم بالعدل وَالَّذِينَ
يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الذين يعبدون آلهة غير الله
لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ هذه الآلهة لا يملكون ان يحكموا وليس لهم سلطان بذلك إِنَّ
اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿20﴾
أَوَلَمْ
يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ يدرسوا اثار الأرض والتاريخ
فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ فيعلموا كيف
كان عقاب الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ الأمم السابقة كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً
وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ إشارة الى الحضارات السابقة وما تمتّع به السابقون من سلطة
وعلم أثّر على من لحق بهم من الامم فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ابادهم بسبب كفرهم وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ
مِنْ وَاقٍ لم يجدوا من يُدافع عنهم ويقيهم من غضب
الله ﴿21﴾
ذَٰلِكَ
بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ بالحجج والبراهين على قدرة الله فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ أبادهم اللَّهُ ۚ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ
﴿22﴾
وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا إشارة الى التسع معجزات
وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ تفويض قوي من الله
لموسى ﴿23﴾
إِلَىٰ
فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴿24﴾
فَلَمَّا
جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا
مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا اغتصبوا نِسَاءَهُمْ
ۚ وَمَا كَيْدُ مكر الْكَافِرِينَ إِلَّا
فِي ضَلَالٍ لن يؤثر مكرهم وجبروتهم على ما يريد
الله ان يكون من نصر رسوله ﴿25﴾
وَقَالَ
فِرْعَوْنُ ذَرُونِي دعوني أَقْتُلْ مُوسَىٰ
وَلْيَدْعُ رَبَّهُ لينقذه إِنِّي أَخَافُ
أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ بمعنى يأتي بدين يُفسد دينكم ﴿26﴾
وَقَالَ
مُوسَىٰ إِنِّي عُذْتُ احتميت بِرَبِّي
وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴿27﴾
وَقَالَ
رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ
يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ المعجزات مِنْ رَبِّكُمْ ۖ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ
كَذِبُهُ يكون كذبه مردود عليه وَإِنْ يَكُ
صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ تنالون
بعض ما يعدكم به إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُفرط في الكفر كَذَّابٌ ﴿28﴾
يَا قَوْمِ
لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي
الْأَرْضِ بمعنى أنتم اليوم متحكّمين في البلاد وأصحاب
نفوذ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ عذاب
اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا ۚ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ لا
أشير عليكم الا بما انا مقتنع به وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ التعقّل والاصلاح ﴿29﴾
وَقَالَ
الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ إشارة الى عاد وثمود وغيرهم ﴿30﴾
مِثْلَ
دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ۚ وَمَا اللَّهُ
يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ﴿31﴾
وَيَا
قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ
يوم ينادى للبعث ﴿32﴾
يَوْمَ
تُوَلُّونَ تفرّون مُدْبِرِينَ مسرعين لا تنظرون ورائكم مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ
مِنْ عَاصِمٍ ولا تجدوا من يعصمكم من الله
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ من يريد الله ان يُضلّه
فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ لا أحد يستطيع هدايته
﴿33﴾
وَلَقَدْ
جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ الحجج
والبراهين فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ ما زلتم غير مقتنعين بما جاء به يوسف حَتَّىٰ إِذَا
هَلَكَ بعد ان تُوفّي يوسف قُلْتُمْ لَنْ
يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مفرط في الكفر مُرْتَابٌ عنده شك في وجود الله ﴿34﴾
الَّذِينَ
يُجَادِلُونَ يُناقشون بسلبية فِي آيَاتِ
اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ أي بدون دليل
اثبات يملكونه كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا
بمعنى ان هذا الجدال العقيم لا ينفع عند الله وعند
المؤمنين ويزيد الله والمؤمنين كرهاً للكفّار كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ يلقي الله الغشاوة على قلوب وعقول الكفار فلا يكون لقولهم وزن
﴿35﴾
وَقَالَ
فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا برجاً
عالياً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ
أجد طريقا للوصول الى الله ﴿36﴾
أَسْبَابَ طرق ودروب السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ كي أرى إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا
ۚ وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ اغترّ
وصدّق نفسه وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ بمعنى
منعه الله من الهداية واتباع الصراط المستقيم وَمَا كَيْدُ مكر فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ خسران ﴿37﴾
وَقَالَ
الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴿38﴾
يَا قَوْمِ
إِنَّمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ لهو
وترف زائل وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ دار الآخرة هي الدار التي يستقر فيها المؤمنون ﴿39﴾
مَنْ
عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَىٰ لا يُعاقب
إِلَّا مِثْلَهَا بمعنى ان العقاب على قدر السيئة
وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ
الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ بكرم
من الله لا ينتهي ﴿40﴾
وَيَا
قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ ﴿41﴾
تَدْعُونَنِي
لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ أعبد معه آلهة لا دليل عندي على الوهيتهم وَأَنَا
أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ ﴿42﴾
لَا جَرَمَ لا شكّ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ بمعنى الدعوة الى ترك الرسالة ليس له مصداقية
فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا مرجعنا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ المفرطين في الكفر هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ ﴿43﴾
فَسَتَذْكُرُونَ
مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ بمعنى ستتذكّرون قولي يوم
القيامة وَأُفَوِّضُ أحيل
أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴿44﴾
فَوَقَاهُ جنّبه اللَّهُ سَيِّئَاتِ مكر فرعون وقومه مَا مَكَرُوا بسبب كفرهم وَحَاقَ
حلّ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ
أبشع عذاب ﴿45﴾
النَّارُ جهنّم يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا بمعنى يتوالون عليها ليصلوْها غُدُوًّا صبحا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا
آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ بمعنى ان فرعون وقومه
من الذين كفروا ينالهم في جهنم أبشع عذاب ﴿46﴾
وَإِذْ
يَتَحَاجُّونَ يتجادل الكفار مع بعضهم فِي
النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ الاتباع
لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا الاسياد إِنَّا
كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مخفّفين عنا جزءاً مِنَ عذاب النَّارِ ﴿47﴾
قَالَ
الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ
﴿48﴾
وَقَالَ
الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ للملائكة الموكلون بها ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ
عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ ﴿49﴾
قَالُوا
أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۚ قَالُوا
فَادْعُوا ۗ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ أي باطل لن يُستجاب له ﴿50﴾
إِنَّا
لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ
الْأَشْهَادُ يوم يُشهد على اعمال الخلق
﴿51﴾
يَوْمَ
لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ اسفهم
وندمهم وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ أقبح اقامة ﴿52﴾
وَلَقَدْ
آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَىٰ وَأَوْرَثْنَا جعلنا لـِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ التوراة
﴿53﴾
هُدًى أي ان الله انول التوراة لتهديهم الى الله وَذِكْرَىٰ عبرة لِأُولِي الْأَلْبَابِ العقلاء ﴿54﴾
فَاصْبِرْ يا محمد إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ واقع وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ مساءً وَالْإِبْكَارِ أول النهار ﴿55﴾
إِنَّ
الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ دون علم ودليل إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ أمل
بالنصر مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ ولن يتمكنوا من النصر فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ
هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿56﴾
لَخَلْقُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ خلق الكون أعظم
وأدقّ وأصعب مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
﴿57﴾
وَمَا
يَسْتَوِي لا يتساوى الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ المذنب قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ ما اقلّ ما تتّعظون به ﴿58﴾
إِنَّ
السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ لا شكّ
فِيهَا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿59﴾
وَقَالَ
رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي
سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ أذلّاء
﴿60﴾
اللَّهُ
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ للراحة والنوم وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا للعمل والنشاط إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ
وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴿61﴾
ذَٰلِكُمُ
اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ كيف تفترون وتكفرون ﴿62﴾
كَذَٰلِكَ
يُؤْفَكُ يفتري ويكفر الَّذِينَ كَانُوا
بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ يُنكرونها ويكفرون بها
﴿63﴾
اللَّهُ
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا مستقرّاً
فوقها للعيش وتحتها بعد الممات وَالسَّمَاءَ بِنَاءً سقفاُ وَصَوَّرَكُمْ
شكّل هيئاتكم فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ أبدع
بخلق هيئاتكم وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ
ۖ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بمعنى
امتلأ بركة ﴿64﴾
هُوَ
الْحَيُّ الذي لا يموت لَا إِلَٰهَ إِلَّا
هُوَ فَادْعُوهُ اعبدوا وصلّوا له مُخْلِصِينَ
لَهُ الدِّينَ بمعنى اعبدوه بإخلاص لا تًشركوا
بعبادته احدا الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿65﴾
قُلْ
إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ
تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أمرني الله ان لا اعبد
ما تعبدون من دونه لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ آيات القرآن مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ أن أهب نفسي وقلبي وروحي لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
﴿66﴾
هُوَ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ مزيج نقطة من ماء الرجل والمرأة ثُمَّ
مِنْ عَلَقَةٍ ثم جعل هذه النطفة الى بقعة صغيرة من دم
جامد ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثم
حوّل العلقة الى كيان جنين ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثم جعل الجنين رجلاً متكامل العقل والقوة ثُمَّ لِتَكُونُوا
شُيُوخًا ثم جعل الرجل عجوزا وَمِنْكُمْ
مَنْ يُتَوَفَّىٰ مِنْ قَبْلُ أي قبل ان يبلغ سن العجز وَلِتَبْلُغُوا
أَجَلًا مُسَمًّى حتى يحين الوقت وَلَعَلَّكُمْ
تَعْقِلُونَ ﴿67﴾
هُوَ
الَّذِي يُحْيِي يهب الحياة وَيُمِيتُ
ۖ فَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا إذا أراد شيئا
فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴿68﴾
أَلَمْ
تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ كيف تتحول عقولهم الى الكفر ويصرفهم الله عن الأيمان
﴿69﴾
الَّذِينَ
كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
﴿70﴾
إِذِ
الْأَغْلَالُ القيود فِي أَعْنَاقِهِمْ
وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ الى جهنم
﴿71﴾
فِي الْحَمِيمِ أوّلا يُسحبون في الماء الشديد الغليان ثُمَّ فِي
النَّارِ يُسْجَرُونَ ثمّ يلقون في النار ليكونوا
وقودا فيها (يسجرون من فعل سجر أي الملأ بالوقود) ﴿72﴾
ثُمَّ
قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ أين
ما كنتم تشركون مع الله في العبادة ﴿73﴾
مِنْ
دُونِ اللَّهِ ۖ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا تجاهلوننا
بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا بمعنى
انهم أنكروا شركهم وكفرهم كَذَٰلِكَ يُضِلُّ
اللَّهُ الْكَافِرِينَ ﴿74﴾
ذَٰلِكُمْ
بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ بمعنى ان هذا العذاب بسبب جهلكم وضلالكم في الأرض وبسبب كفركم
وغروركم وتكبّركم على الله ورسله ﴿75﴾
ادْخُلُوا
أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا إشارة الى ان
جهنّم شرّعت أبوابها لهم فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ بمعنى ما أقبح إقامة الذين تكبّروا على الله ورسله
﴿76﴾
فَاصْبِرْ
إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ واقع لا نحالة فَإِمَّا
نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ ربّما نريك
في حياتك يا محمّد بعضاً من عذاب الله بهم أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا
يُرْجَعُونَ أو إذا توفّاك الله فسيرجع اليه الكفار يوم
القيامة ليُشهدك عذابهم ﴿77﴾
وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ
لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ۗ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ مُعجزة إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ
اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ حُكم على الخلق بالعدل
وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ الكافرون الذين
أرادوا ان يُبطلوا دعوة الايمان ﴿78﴾
اللَّهُ
الَّذِي جَعَلَ خلق لَكُمُ الْأَنْعَامَ
لِتَرْكَبُوا مِنْهَا بمعنى لتستعملوا للتنقّل
وَمِنْهَا ومن لحومها تَأْكُلُونَ ﴿79﴾
وَلَكُمْ
فِيهَا مَنَافِعُ منفعة لكم في التجارة وتلبسون من
جلودها وتستعملون جلودها للفرش والاثاث وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً
فِي صُدُورِكُمْ تسافروا عليها قاصدين بلدا معيّنا
وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ﴿80﴾
وَيُرِيكُمْ
آيَاتِهِ إشارة الى تسخير الانعام لكم لمنفعتكم كما
يُسخّر لكم الشمس والقمر والنجوم والكواكب وتعاقب الليل والنهار وما علّمكم من
علوم فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ بمعنى هل تقدرون على انكار أي من هذه الآيات ﴿81﴾
أَفَلَمْ
يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ
كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ الم
يدرسوا اثار الأرض ليعلموا ما حل من عذاب بالأمم قبلهم كَانُوا أَكْثَرَ
مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا اشارة الى ان الأمم
السابقة وضعوا اثرا من العلم والحضارة فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ لم ينفعهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ما توصّلوا اليه ﴿82﴾
فَلَمَّا
جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ بمعنى اغترّوا بعلمهم ومعرفتهم وَحَاقَ بِهِمْ أصابهم مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ أصابهم العذاب الذي كانوا يسخرون منه ﴿83﴾
فَلَمَّا
رَأَوْا بَأْسَنَا فلمّا رأوا بأمّ أعينهم الكارثة
التي ستهلكهم قَالُوا
آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ﴿84﴾
فَلَمْ
يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ۖ سُنَّتَ اللَّهِ بمعنى قضاء الله الَّتِي قَدْ خَلَتْ سبقت فِي عِبَادِهِ ۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ
﴿85﴾
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق